Mittwoch, 4. Januar 2012

الشهيد متعب المحيّاني

الشهيد متعب المحيّاني
(حنظلة المكي)

كذا فليجل الخطب وليفدح الأمرُ ..... فليس لعينٍ لم يَفِضْ ماؤها عذرُ

توفيت الآمال بعدك متعبٌ ..... وأصبح في شغلٍ عن السَّفَرِ السّفْرُ

وما مات حتى مات مضربُ سيفهِ ..... من الضربِ ، واعتلّتْ عليه القنا السُمْرُ

فأثبتَ في مستنقعِ الموتِ رجلهُ ..... وقال لها من تحتِ أخمصكِ الحشرُ

تردّى ثيابَ الموتِ حمراً فما أتى ..... لها الليلُ إلا وهي من سندسٍ خضرُ

ثوى طاهر الأردان لم تبقَ بقعةٌ ..... غداةَ ثوى إلا اشتهت أنها قبرُ

عليك سلامُ الله وقفاً فإنني ..... رأيت الكريمَ الحُرّ ليس له عمرُ


متعب محمد صالح المحيّاني .. ذلك الشاب الأسمر الذي امتلأ همةً سامية ، وعزيمةً ورجولة ..
كان رحمه الله غير مستقيم في بداية عمره ، وأراد الله سبحانه وتعالى به خيراً ، ففتح عينيه على النور ، سلك درب الجهاد الطويل ، ذلك الدرب المليء بالأشواك ، ومضى تلامس الجوزاء همته حتى ألقى عصا الترحال تحت ظل طوبى - نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا - ..
نفر إلى ساحات العزة والكرامة ، وكانت المحطة الأولى في مسيرة الفارس : كشمير ، تلك الجنة الخضراء التي عطر ربوعها متعب وإخوته ..
ألم ترَ أنَّ الجَزْعَ أضحى ترابهُ ..... مِنَ المسكِ كافوراً ، وأعوادهُ رنْدا

وما ذاكَ إلا أن هنداً عشيةً ..... تمشّتْ وجَرّتْ في جوانبهِ بُرْدَا
أعد نفسه في معسكرات التدريب هناك ، وكان ينوي المشاركة في كشمير ، ولكن كتب الله له الانتقال إلى أفغانستان حيث توقف البطل في محطته الثانية ..
نزل بأرض قندهار الأبية هو وإخوته ، وكانوا لا يرون القتال مع نظام طالبان ، وفي أول يومٍ من وصولهم اجتمع متعب بإخوته وقال لهم : لا بد من سؤال الشيخ أبي حفص الموريتاني ، ثم غدا إلى الشيخ وسأله ، فأفتاه الشيخ بشرعية القتال مع الطالبان ..
عاد البطل إلى إخوته وقال لهم في موقف الثابت التواق إلى الحور وضرب النحور : نحن ما أتينا إلى هنا للجلوس في المضافات ، وإني ذاهبٌ إلى كابل فمشاركٌ إخوتيَ الجلادَ والنزال .. ومضى ..

ومضى كأن الأرض لم يولد بها ..... أبداً ولم يعرف له رفقاءَ

وصل متعب - تقبله الله - إلى كابل ، ومنذ وصوله نزل إلى الخنادق ونسي المضافات والفنادق ، برزت شجاعته وبسالته الفائقة في المعارك العسكرية ، ومع قوته وجلده كان هيناً لينا على إخوته ، نقاءُ سريرةٍ وصفاءُ نفس ، وكأني به يتمثلُ قوله تعالى : (( فسوف يأتي الله بقومٍ يحبهم ويحبونه أذلةٍ على المؤمنين أعزةٍ على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم )) ..
كان خدوماً لإخوته ، و ( سيدُ القومِ خادمهم ) ، وكان نسيجَ وحده في الصبرِ والمصابرةِ على الأذى واحتمال المشاق ، فتارةً تراه في المطبخ ، وتارةً تراه في المستشفى ينقذ ويسعف ويساعد ، وتارةً محتضناً رشاشة يرسل الموتَ إلى نحور الأعداء .. همةٌ وجَلَدْ .. وصبرٌ متواصل ، كل هذا في تواضعٍ كبير من رجلٍ كبير ..

دنوتَ تواضعاً وسموتَ مجداً ..... فشأناك انخفاضٌ وارتفاعُ

كذاك الشمسُ تَبْعُدُ أنْ تُسامَى ..... ويدنو الضوءُ منها والشُعاعُ

إن بعض الشباب يحب أن يذهب للجبهات محفولاً مكفولاً ، يريد الطريقَ معبدةً نظيفةً خاليةً من الأشواك ، رشاشٌ في يده ، وخندقٌ محفور ، وعدوٌ يضربُه ، أو كما قال خطاب رحمه الله : جهاد بشقة مفروشة !! , ولكن متعب رحمه الله لم يفهم الجهاد هذا الفهم ، فالجهاد - بكل متطلباته وأعبائه - كان مشروعه المفضّل لنصرة دين الله عز وجل ودفع الضيم والأذى عن إخوانه المسلمين ، فهو إن كان في الساقةِ كان في الساقة ، وإن كان في الحراسة كان في الحراسة ، موقنٌ بصحة المنهج وسلامة الطريق ، مطيعٌ لأميره لا يحيد عن تنفيذ أمره ، فتقبله الله وأعلى في الخالدين ذِكْرَه ..

وكان رحمه الله فريداً في صبره وخدمته لإخوانه ، فقد كان لا يطبخ لهم غيره ، وكان يصبر على نقل الجرحى ومباشرة إسعافهم ويصبر على رؤية الجراح ومعالجتها أشد الصبر فلله دره ..
ومع هذا كله ، فقد كان شغله في نحر الأعداء وفي خدمة إخوانه لا يشغله ولا يلهيه عن طاعة ربه وعبادته ، فقد كان يقرأ القرآن في فترة الصباح لساعاتٍ طويلة فرحمه الله ، يصدق فيه وفي إخوانه من المجاهدين الغرباء :

عُبّادُ ليلٍ إذا جنّ الظلامُ بهمْ ..... كم عابٍدٍ دمعهُ في الخد أجراهُ

وأُسدُ غابٍ إذا نادى الجهادُ بهم ..... هَبّوا إلى الموت يَسْتَجْدُونَ لقياهُ

وقبيل الحرب الصليبية على أفغانستان ، تحركت في نفس البطل أشواقٌ إلى جزيرة العرب ، إلى موطن الرجال الأحرار ، غيرَ أن الكريم الحر إذا تنسّم عبير العزة فأنّى له السكوت على الضيم ، وهذي أرضه قد دنستها أقدام أبناء القردة والخنازير ، فهيهات القعود عنهم ، هيهات هيهات ..

جمع بعض إخوته في إحدى الليالي ، وهناك تم العقد بينهم وبين خلّاقهم ، عقدٌ لا إقالة فيه ولا استقالة ، ( ربح البيع والله لا نقيل ولا نستقيل ) ، أحس الأحرار بالواجب الملقى على عواتقهم والمتمثل بتخليص الجزيرة العربية من النصارى والمرتدين يطأون ترابها وينامون تحت سمائها ..
غير أن الحملة الصليبية العاشرة بدأت جحافلها تتجه نحو مقبرة الأقوياء ، نحو أفغانستان ، فشُغُلَ بها الأبطال وقالوا : نزال ، فمنهم من أُسِرْ ، ومنهم من بُتِرْ ، وما بدّلوا تبديلا ..
بحث شباب الإسلام في النازلة ، وإذا الطائرات التي قتلت الأطفال ورمّلت النساء وشرّدتِ الأسرَ تنطلق من أرضهم ، ومن جزيرة نبيهم ، فتجدد العقد ، وانبعث الشوق القديم ..

وذو الشوقِ القديمِ وإن تعزىّ ..... مشوقٌ حين يلقى العاشقينا

نزل الشباب المجاهد الجزيرة ، ومنذ اليوم الأول بدأ متعب رحمه الله في إعداد القوة لأعداء الله ، فكان رحمه الله يجهز إخوانه بالأسلحة ويمدهم بها ويقوم بنقلها بنفسه ، حتى أن أحد الإخوان يخبرني أن متعب رحمه الله يقول : منذ عودتي من أفغانستان لم أبتْ في بيت أهلي ليلةً واحدة ، حتى أن والده العم : محمد بن صالح المحيّاني - وقد سجن الطغاة العم محمد وأحد إخوة متعب ، وكان أخوه الآخر مطاردٌ مثله ، فلله درهم ذريةٌ بعضها من بعض - أراد أن يحتفل بعودته سالماً من أرض أفغانستان فلم يستطع !! حتى أتى متعب رحمه الله إلى بيته ذات مساء لحاجةٍ يريدها فاستغل أبوه الفرصة وجمع أقاربه وأولم وليمته فانحرج متعب واضطر أن يجلس ، فلله دره ، في هذه الحياة الملأى بالمتناقضات شبابٌ يتسابقون إلى الولائم ، وآخرون ينفرون منها ويتسابقون إلى الموت ..

أعد العدة ، وغدا إلى الساحة ، وهنا قام الجهاد على أكتاف الشباب المجاهد - أمثال متعب وإخوانه - في جزيرة العرب ، وكان المشروع قتال الأمريكان ، غير أن الطاغوت لا يمكن أن يسمح بالمساس بأمريكا ، فوجوده مرهون بوجودها ، وقوته بقوتها ، فبدأ المعركة مع أسود الله ، وهيهات أن يكسب الطاغوت المعركة إذا كان هؤلاء الحمقى المرتزقة هم أداته اللعينة في الوقوف في فسطاط الصليب ..
وفي هذه الأثناء يُقدر الله سبحانه وتعالى أن يكتشف منزلٌ للإخوة في منطقة الشرائع في مكة المكرمة ( أعدوه لقتل المعتمرين ، والراكعين الساجدين ، حتى كان لا يجتازُ بهم معتمرٌ إلا أراقوا دمه !!! ) - والغريب عندما يأتى بعض الحمقى ويصدق مثل هذه الإتهامات الباردة من الإعلام السلولي - , وحدثت معركة بين أولياء الله وأولياء الطاغوت : (( الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا )) ، وكان متعب رحمه الله يصول ويجول ، فضرب مدرعةً لقوات الطواريء بقذيفة آر بي جي ، وتمكن مع بعض رفاقه من الانسحاب بعد أن أثخنوا في العدو ، وانحازوا إلى بعض الجبال ..
وبعد يوم كان الإعياء قد بلغ من الإخوة مبلغاً عظيماً ، فالتمسوا الماء من أحد الرعاة ، فشعرت بهم قوات الطاغوت فجاؤوا سراعاً ، لا لتحرير الأقصى من اليهود ، ولا لتحرير مكة من الأمريكان ، ولكن لقتل الشباب المسلم المجاهد الذي يذود عن دينه بدمه وروحه ، وسقط متعب ورفيقه فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألاّ خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون ..
من أقواله رحمه الله : " إذا مكننا الله من إقامة دولة الإسلام والخلافة لن ترى في أسواق المسلمين إلا السلاح والدقيق ، قلنا : لماذا ؟ قال : السلاح لأننا مشغولون بالقتال ، والدقيق لنقتات به " ..
زهدٌ وبساطة ، وارتفاعٌ عن لذائذ الدنيا وأوصابها فرحمة الله عليه ..
كان يقول في أواخر أيامه : " لابد من الحركة ، ولابد من تسخير جميع الشباب لخدمة دين الله " ..
وكان رحمه الله لا يعرف الصعاب إلا قاهراً ومذللاً لها ، وكان إذا كلّف الإخوة بعملٍ فقالوا : هذا صعب ، يقول : " لا تقولوا صعب حتى تجربوه ، فإن قدّر الله لنا أن نؤسر أو نقتل فقد قدمنا ما نستطيع لدين الله ، أما أن نقعد ونقول : هذا صعب فليس بصحيح " ..
وقد كان رحمه الله صاحب طرفةٍ وحسن أسلوب ولباقة ، وكان يدخل السرور على قلب من كان يعمل معه ، غيرَ أن بعض الإخوة يحدثني ويقول : لقد رأيته عندما خلا بنفسه يديم الوجوم والتحسر على واقع الأمة ، ويقول : " نحن الغرباء القلائل الذين يقع علينا عبء إعادة الأمة إلى دين الله " ..
كان رحمه الله حَسَنَ الظن بالله وله في ذلك كلمات ومواقف يضيق المقام عن ذكرها ولكنها محفورةٌ في قلوب من عمل معه من الإخوان فرحمة الله عليه رحمةً واسعة ، والله لقد بكت العيون وحزنت القلوب على فراقك يا متعب ، وها قد لقيت الله فرداً غريباً ثاوياً في أحد جبال مكة ، لا تعلم أمة المليار من أنت ولا تعلم لم قُتِلْتْ ، وما ضرك أن لا يعرفوك إذا كان الله يجزي والملائكة تكتب ، ما ضرك أن لا يعرفك علماء السوء الذين انتفخت بطونهم من الحرام ، ما ضرك أن لا يعرفك الزنادقة الذين تجرأوا على الواحد القهار ، ما ضرك أن لا يعرفك اللاهون ، الغافلون ، العابثون ، نعم لم يبك عليك أحدٌ خلا القليل من رفقاء الطريق ، وأنعم بهم ثم أنعم بهم ..

قضى نحبه فرداً عزيزاً مروعا ..... يناوشه من كل ناحيةٍ وغدُ

أتته سهام الغدر من صوب مأمنِ ..... فخر صريعاً ، وانكفا الفارسُ الجلدُ

أمتعبُ إن القتل للحر مركبٌ ..... إلى المجدِ إن أعيا الرعاددةَ المجدُ

أمتعبُ إن القتل حلوٌ مذاقهُ ..... إذا كان في ذات الإله يكنْ شهدُ

بكتك عيون الحاملين سلاحهم ..... إلى ساحة الهيجا الغطارفةُ الأُسْدُ

ويبكيك في كل المعامعِ فارسٌ ..... منيعٌ إذا جاء التصاولُ والجدُّ

قليلٌ هم الباكون لكن شأنهم ..... عظيم لدى الهيجا عظيمٌ إذا شَدّوا

همُ الأملُ المرجوّ في كل غارةٍ ..... على الأمةِ الغرّاء أرهقها الصدُّ

وبعد فإن القلب ليحزن .. وإن العين لتدمع .. وإنا على فراقك يامتعب لمحزنون .. ولكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا وحسبنا الله ونعم الوكيل ..

ونسأل الله جلت قدرته أن يمكننا من رقاب الطواغيت فكم سفكوا من دماء وكم سجنوا أبرياء ، وقد حان زوالهم ، واقتربتْ ساعتهم ، وعما قليلٍ سوف يلحقهم الله - بإذنه تعالى - عاداً وثمود وفرعون ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ..
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
بقلم : رفيق دربه أبي محمد المكي
 
 
روابط شبكة انصار المجاهدين

http://as-ansar.com/vb - رابط مباشر
http://as-ansar.org/vb - رابط مباشر 2
https://as-ansar.com/vb - رابط مباشر مشفر
https://as-ansar.org/vb - رابط مباشر مشفر 2
http://202.71.103.132/vb - رابط رقمي
https://202.71.103.132/vb - رابط رقمي مشفر
http://www.ansar1.info/ - رابط مباشر للمنتدى الانجليزي
https://www.ansar1.info/ - رابط مباشر مشفر للمنتدى الانجليزي

روابط شبكة الشموخ الاسلامية
http://www.shamikh1.info/vb - رابط مباشر
https://www.shamikh1.info/vb - رابط مباشر مشفر

روابط شبكة الفداء الاسلامية
http://www.alfidaa.info/vb - رابط مباشر
https://www.alfidaa.info/vb - رابط مباشر مشفر
http://www.alfidaa.org/vb - رابط مباشر 2
https://www.alfidaa.org/vb - رابط مباشر مشفر 2

روابط موقع التوحيد والجهاد
http://www.tawhed.ws - رابط مباشر
http://alsunnah.info  - رابط مباشر
http://almaqdese.net - رابط مباشر
http://abu-qatada.com - رابط مباشر
http://mtj.tw - رابط مباشر
http://tawhed.net - رابط مباشر


روابط موقع ارشيف الجهاد
http://jarchive.net - رابط مباشر
https://jarchive.net - رابط مباشر مشفر